top of page


الحمدُ للهِ ربِّ العالمين له النِّعمةُ وله الفَضلُ وله الثّناءُ الحَسَنوالصلاةُ والسلامُ الأتَمّانِ الأَكملان على سيّدِنا محمّدٍ أَشرفِ المُرسلينوعلى آلِه وصَحبهِ الطيِّبينَ الطاهِرينأمّا بعدُفهذه فوائدُ مِن كلامِ سيّدِنا الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه ونفعنا بهقالَ رحمَهُ اللهُ:بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمالحمدُ للهِ حمداً يَرضاهُ لِذاتِهوالصّلاةُ والسّلامُ على سيِّدِ مخلوقاتِهورضيَ اللهُ عنِ الصّحابةِ والآلِ وأَتباعِهم مِن أَهلِ الشّرعِ والحال،والسّلامُ علَينا وعلى عِبادِ اللهِ الصالحينأي سادةالزُّهْدُ أَوَّلُ قَدَمِ القاصِدينَ إلى اللهِ عزَّ وجلّو أَساسُهُ التّقوىوهي خوفُ اللهِ رأسُ الحِكْمَةِوَ جِماعُ كُلِّ ذلكَ حُسْنُ مُتابَعَةِ إمامِ الأرواحِ والأشباحِ السيِّدِ المُكَرَّمِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّموَ أَوَّلُ طريقِ المُتابعةِ حُسْنُ القُدْوَةِ عَمَلاً بِحَديثِ:" إِنَّما الأًعمالُ بالنِّيَّات "أَلا تَرَوْنَ أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم كَيْفَ قالَ لِرَجُلٍ قالَ لهُ:"يا رسولَ اللهِ رَجُلٌ يُريدُ الجِهادَ وهو يَبتغي عَرَضاً مِنَ الدُّنيا"فقالَ له رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم:" لا أَجْرَ له "فَأَعْظَمَ ذلك الناسفقالوا لِلرَّجُلِ " عُدْ لِرَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم فَلَعَلَّكَ لَمْ تَفْهَمْه "فقالَ الرّجُلُ " يا رسولَ اللهِ رَجُلٌ يُريدُ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ وهو يُريدُ مِن عَرَضِ الدُّنيا "فقالَ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ:" لا أَجْرَ له "فَأَعْظَمَ ذلكَ الناسَوقالوا " عُدْ لِرَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم "فقالَ الثالثةَ" رَجُلٌ يُريدُ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ وهو يَبتغي مِنْ عَرَضِ الدُّنيا "فقال:" لا أَجْرَ له "رواهُ الثِّقاةُ وَصَحَّحوهفَمِنْ هذا وَ مِثْلِهِ عَلِمْنا أنَّ نَتائِجَ العَمَلِ تَحْسُنُ و تَقْبُحُ بالنِّيَّةِفَعامِلوا اللهَ بِحُسْنِ النِّيّاتِو اتَّقوهُ في الحَرَكاتِ و السَّكناتِوَ صُونوا عَقائِدَكُم مِنَ التَّمَسُّكِ بِظاهِرِ ما تَشابَهَ مِنَ الكتابِ و السُّنَّةِلأنَّ ذلكَ مِنْ أُصولِ الكُفرِ أيْ أَوْقَعَ كثيراً مِنَ الناسِ في الكفرقالَ تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}و الواجِبُ عَليكُم وعلى كُلِّ مُكَلَّفٍ في المُتَشابَهِ الإيمانُ بأنهُ مِنْ عِنْدِ اللهأَنْزَلَهُ على عَبْدِهِ سيِّدِنا رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمفَسَبيلُ المُتَّقينَ تنزيهُ اللهِ تعالى عَمّا دَلَّ عليهِ ظاهرُه و تَفويضُ معناهُ المرادِ منهُ إلى الحَقِّ تعالى وتَقدّسو بهذا سَلامةُ الدينسُئِل بعضُ العارِفينَ عِنِ الخالِقِفقالَ للسائل:إنْ سَأَلْتَ عنْ ذاتِه ف"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء"وإنْ سَأَلْتَ عَنْ صِفاتِهفهو أَحَدٌ صَمَد لَمْ يَلِدْ ولَمْ يولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدوإنْ سَأَلْتَ عَنِ اسمِهفهو اللهُ الذي لا إله إلا هو عالِمُ الغَيْبِ والشهادةِ هو الرّحمنُ الرّحيموإنْ سَأَلْتَ عَن فِعلِهفَكُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنأي اللهُ تبارَك وتعالى كلَّ يومٍ يُغَيِّرُ في خَلْقِهِ ما شاءأمّا هو سبحانَه ف لا يَتَغَيَّروقد جَمَعَ إمامُنا الشافعيُّ رضيَ اللهُ عنهُ جميعَ ما قيلَ في التوحيدِ بقوله:مَنِ انْتَهَضَ لِمَعْرِفَةِ مُدَبِّرِهِ فانْتَهَى إلى مَوْجودٍ يَنْتَهي إليهِ فِكْرُهُ فَهُوَ مُشَبِّهوإنِ اطْمَأَنَّ إلى العَدَمِ الصِّرْفِ فَهُوَ مُلْحِدٌ مُعَطِّلوإنِ اطْمَأَنَّ لِمَوْجودٍ واعْتَرَفَ بالعَجْزِ عَنْ إِدْراكِهِ فَهُوَ مُوَحِّدمعناهُ الذي يَعترِفُ بوجودِ الله تعالى و يَعتقِدُ أنه موجودٌ ليسَ كمثلِه شيءٌ موجودٌ بلا مكانٍ و لا يجري عليهِ زمانٌو لم يَقُل أنا أريدُ أن أتصوَّرَ ربي فهذا الإنسانُ موحِّدٌ عارفٌ بِرَبِّهأي سادةنَزِّهوا اللهَ عن سِماتِ المُحْدَثين و صفاتِ المخلوقينو طَهِّروا عقائِدَكُم مِن تَفسيرِ معنى الاستواءِ في حَقِّهِ تعالى بالاستقرارِ كاستواءِ الأَجسامِ على الأجسامِ المستلزِمِ للحُلولتعالى الله عن ذلكو إيّاكُم و القولَ ب الفَوْقِيَّةِ و السُّفْلِيَّةِ و المكانِ و اليَدِ و العَيْنِ ب الجارحةِ و النُّزولِ ب الإتيانِ و الانتقالفإنّ كل ما جاء في الكتابِ والسُّنةِ مِمّا يدلُّ ظاهرُه على ما ذُكرفقد جاءَ في الكتابِ والسنة مثلُه مما يؤيِّدُ المقصودفما بَقِيَ إلا ما قالَهُ صُلَحاءُ السّلَفِو هو الإيمانُ بظاهرِ كلِّ ذلك وَرَدُّ عِلْمِ المُرادِ إلى اللهِ ورسولِه مع تَنزيهِ البارئِ تعالى عنِ الكَيْفِ و سِماتِ الحُدوثِوعلى ذلك دَرَجَ الأئِمّةو كلُّ ما وَصَفَ اللهُ بهِ نَفسَهُ في كتابِه فتفسيرُهُ قراءتُهُ و السكوتُ عنهليسَ لأحدٍ أنْ يُفَسِّرَهُ إلا اللهُ تعالى و رسولُهوَلَكُم حَمْلُ المتشابِه على ما يوافقُ أصلَ المُحْكَم لأنه أصلُ الكتابوالمتشابِه لا يُعارِضُ المُحْكَمسألَ رجلٌ الإمام مالكُ ابن أنس رضي الله عنه عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى}فقالالاستواءُ معلومٌ أي أنه وَرَدَ في القرآنوالكَيْفُ غيرُ معقولوالإيمانُ به واجبٌوالسؤالُ عنه بِدعةٌوما أراكَ إلا مُبْتَدِعوأَمَرَ به أن يُخْرَجمعنى ذلك أنه لا يجوزُ تفسيرُ الاستواءِ ب الجلوسِ و الاستقرارِفإنَّ هذا من صفاتِ الخلقِوقال إمامُنا الشافعيُّ رضي الله عنه لمّا سُئل عن ذلك:آمنْتُ بلا تشبيهوصدّقْتُ بلا تمثيلواتّهَمْتُ نفسي في الإدراكوأَمْسَكْتُ عنِ الخَوْضِ فيهِ كلَّ الإمساكوقال الإمامُ أبو حنيفةَ رضي الله عنه:مَنْ قالَ لا أعرِفُ اللهَ أفي السماءِ هو أمْ في الأرض فقد كفرلأنّ هذا القولَ يُوْهِمُ أنّ للحقِّ مكاناًومَنْ تَوَهَّمَ أنّ للحقِّ مكاناً فهو مُشَبِّهوسُئِل الإمامُ أحمدُ رضي الله عنه عن الاستواءِ فقال:استوى كما أَخْبَرَ لا كما يَخْطُرُ لِلْبَشَر.وقالَ الإمامُ ابنُ الإمامِ جعفرٍ الصادق عليه السلام:مَنْ زَعَمَ أنّ اللهَ في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشركإذ لو كان على شيء لكان محمولاًولو كان في شيء لكان محصوراًولو كان من شيء لكان محدثاً أي مخلوقاًهذا ما قاله الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه ونفعنا بهوسبحان الله وبحمده والحمد لله رب العالمين

 

bottom of page